الخميس، 10 سبتمبر 2015

العلّة في النظام لا في الحُكّام ل "سلام الراسي "

من كتاب لئلا تضيع ل سلام الراسي كان لأحد أمراء لبنان مطحنة ولّى عليها «مطحنجيًّا» يستغلها، فيستوفي من كلّ مدّ قمحٍ «ثمنيّة» طحين، مع العلم أنّ الثمنيّة هي مكيول يعادل جزءًا من ثمانية أجزاء من المدّ، ولذلك سميت ثمنيّة. «فاشتلق» بعض الناس على المطحنجيّ بأنّه يكيل القمح قبل طحنه بصاع أصغر حجمًا ممّا يجب أن يكون، ثم يستوفي الأجرة طحينًا بثمنيّة أكبر حجمًا ممّا يجب أن تكون، فسرت بين الناس موجة من التذمّر بلغت مسامع الأمير، فبادر إلى إبداله بمطحنجيّ آخر. وإذا بالمطحنجيّ هذا ينهج نهج سلفه فيتعالى الاحتجاج ويشتدّ الهياج، فيبادر الأمير حالًا إلى إبداله بمطحنجيّ آخر، وبقي الصاع وبقيت الثمنيّة، وبقيت الأصول المرعيّة حتى ضجت الرعيّة، فألّفوا وفدًا لمقابلة الأمير وعرض الأمر عليه والتظلّم لديه. وقبل أن يستقرّ المقام بالقادمين، عاجلهم الأمير بقوله: «المطحنة مطحنتكم ولا تهمّنا إلّا مصلحتكم. وقد أبدلنا أولئك الحرامية من المطحنجيّة حرصًا على المصلحة الوطنيّة. وإذا كان من يتولّى المطحنة حاليًّا ليس على "قد الخاطر" أبدلناه بسواه حتى يأخذ الحقّ مجراه». فقالوا: «ولكن طال عمرك سيدنا، فإنّ العلّة ليست بهؤلاء المطحنجية بل بالصاع والثمنيّة.» فصاح بهم: «كفى! الصاع صاع الإمارة والثمنيّة ثمنيّتها، ولا أقبل أن يتطاول أحد على نظام الإمارة وقوانينها.» سلام الراسي: ولد 'أبو علي' سلام الراسي في 1911، في بلدة إبل السقي، جنوب لبنان، أخاً لثلاثة عشر ولداً، وتوفي عام 2003. وبكلماته هو "كانت الشمس تشرق في ذلك الزمان من وراء جبل حرمون وتغرب خلف مرجعيون، وقريتنا قائمة في وسط الدنيا...". تلقى علومة الابتدائية في مدرسة الضيعة، انتقل إلى بيروت مع والدته سنة 1925 حين اندلعت الثورة السورية، حيث التحق بالجامعة الاميركية لفترة وجيزة عاد بعدها الى ابل السقي. هذه النشأة والبيئة والظروف العامة التي أحاطت بالربع الأول من القرن العشرين كان لها أثر عميق في طبع سلام الراسي بطابعها، فهو إبن الضيعة والجنوب والمثقف إبن المدينة في حين واحد، ولد أيام العثمانيين وترعرع في ظل الاستعمارين الانكليزي والفرنسي لفلسطين ولبنان وسوريا, ثم شب مع الرعيل الاول من الاستقلاليين والوطنيين المناهضين للاستعمار المنادين بالحرية والخبز والعدالة. كتب الشعر والزجل شاباً ثم تحول إلى جمع المأثور الشعبي ومجمل أصناف الأدب القروي، ألّف عدداً من القصص والروايات حتى زادت عن سبعة عشر كتاباً، سمّي بسببها "شيخ الأدب الشعبي" ونال عن ذلك عدداً من الأوسمة والتكريمات تليق به وبمقامه. أدب سلام الراسي هو خلطة خاصة به, وباقة شهية من الحكايات نقل منها عن المألوف والمتوارث واجترح بعضها في احيان أخرى كي يوصل فكرة الى منتهاها, وهو صعود بمرتبة ودور الحكواتي وتقريب دور المؤرخ الى الرواية, هو وعاء نجح في قولبته وتشكيله كي يتسع لتعايش الفصحى مع العامية وأداة هدفها تقريب الادب للناس وتأريخ مفاصل تاريخية في حكايات حافظة لها وفي النهاية تقريب الناس للناس وليس تغريبهم وتعجيزهم. كتب عن القرية فاصبح الوطن كله قريته. مؤلفاته: لئلا تضيع 1971 في الزوايا خبايا 1974 حكي قرايا وحكي سرايا 1976 شيح بريح 1978 الناس بالناس 1980 حيص بيص 1983 الحبل على الجرار 1988 جود من الموجود 1991 ثمانون 1993 القيل والقال 1994 قال المثل 1995 الناس أجناس 1995 أقعد أعوج وإحكي جالس 1996 من كل وادي عصا 1998 ياجبل ما يهزك ريح 2000 أحسن أيامك، سماع كلامك 2001

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق