الاثنين، 31 مارس 2014

ملحمة جلجامش وإنكيدو Gilgamesh



تمثال جلجامش ملك أوروك
متحف برغامون - ألمانيـــا
Pergamon Museum
 ملحمة جلجامش وإنكيدو
Gilgamesh Epic
الملحمه الأدبيه الخالده
تمهيد :
ملحمة جلجامش Gilgamesh Epic
هي أطول وأجمل نص أدبي وصلنا من ثقافة المشرق العربي القديم
وهي عباره عن قصة أدبيه مكتوبه بخط مسماري على 11 لوحا طينياً اكتشفت لأول مرة
عام 1853 م في موقع أثري اكتشف بالصدفة وعرف فيما بعد أنه كان المكتبة
الشخصية للملك الآشوري آشوربانيبال في نينوى في العراق
ويحتفظ بالألواح الطينية التي كتبت عليها الملحمة في المتحف البريطاني حالياً .
وقد شاع هذا العمل عقب تأليفه حوالي 1800 ق.م في جميع أرجاء المنطقة
وترجم إلى عدد من اللغات الحية ويحكي قصة جلجامش خامس ملوك أوروك (الوركاء)
الذي عاش في العام 2900 ق.م حسب قائمة الملوك السومريون .
الملحمه :
كان أنكيدو Enkidu يعيش بالغابه يكسو الشعر جسده وشعر رأسه كامرأة
خصلات شعره تندفع كسنابل قمح لا يعرف الناس ولا البلدان عليه ريش كسوموقان (كروان)
يرعى الكلأ مع الغزلان يرد الماء مع الحيوان
ويخلص الحيوانات من فخاخ الصيادين الذين كانوا يعيشون على الصيد
فقام الصيادون برفع شكواهم إلى الملك جلجامش فأمر إحدى خادمات المعبد بالذهاب ومحاولة إغراء أنكيدو
ليمارس الجنس معها وبهذا تبتعد الحيوانات عن مصاحبة إنكيدو ويصبح إنكيدو مروضا ًومدنياً .
حالف النجاح خطة الملك جلجامش وبدأت خادمة المعبد وكان إسمها شمخات بتعليم أنكيدو الحياة المدنية
ككيفية الأكل والشرب واللبس ثم بدأت بإخبار أنكيدو عن قوة جلجامش
وكيف أنه يدخل بالعروس قبل أن يدخل بها زوجها ولما عرف إنكيدو بهذا قرر أن يتحدى جلجامش
في مصارعة ليجبره على ترك تلك العادة فيتصارع الاثنان بشراسة فهما متقاربان في القوة
ولكن الغلبة في النهاية كانت لـ جلجامش حيث اعترف إنكيدو بقوة جلجامش .
وبعد هذه الحادثة يصبح الإثنان صديقين حميمين .

إنكيدو مع حيوانات الغابه
Enkidu with jungle animals

رحلة جلجامش وإنكيدو إلى غابة الأرز (سيدوري) Cedar forest :
إتفق الإثنان على قتل النمرود الإرياني الأنوناكي الظالم هامبابا Humbaba
الذي احتل غابة سيدوري في لبنان وهو ثاني ملك إرياني دومري 2900 ق.م
في البداية تردد انكيدو بالذهاب لكن جلجامش استحثه
وذهب الاثنان إلى معبد ايجال باخ Egalmah's Temple في مدينة أوروك
حيث أبوه لوكال باند وأمه الحكيمه ننسون Ninsun وجمع شيوخ أوروك معلناً :
إسمعوا يا شيوخ أوروك ذات الأسواق :
أريد انا جلجامش أن أري من يتحدثون عنه ذلك الذي ملأ البلدان بالرعب
عزمتُ علي أن أغلبه في غابة الأرز وسأُسمع البلاد بأنباء إبن أوروك
فتقول البلاد عني ما أشجع سليل أوروك وما أقواه !
وبعد ذلك انطلقا وعبرا سبعة جبال حتى وصلا الى غابة الأرز سيدروي (سيدار) Cedar forest
وتقع سيدوري في وادي قاديشا شمال لبنان وتسمى غابة الرب حالياً .
قام إنكيدو بتقطيع أشجار الأرز قرب نهر حواوا Hawawa (نهر قاديشا حالياً)
فسمعه النمرود هامبابا وجاء مسرعاً بصوته الجهور : من أمرك بتقطيع الأشجار ؟
ويلتحم الأثنان معه بمعركه قويه وكان صوت هامبابا المرعب يهدر وكاد أن يهلكهما
وبالنهاية يقع هامبابا على الأرض منهكاً ويبدأ بالتوسل منهما كي لا يقتلاه
ولكن توسله لم يكن مجديا حيث أجهز الاثنان عليه وأردياه قتيلاً وأمسكا به وقطعا رأسه
وعادوا منتصرين إلى أوروك .

جلجامش يقطع رأس النمرود هامبابا (خمبابا)
Gilgamesh and Humbaba
(لوحه أثريه)
جلجامش وإنكيدو والثور البري الضخم :
وأثناء عودة جلجامش وأنكيدو هاجمهما ثور بري ضخم فأمسكه انكيدو من قرنيه فأرغى الثور وأزبد
فشد عليه أنكيدو ونادى جلجامش : ظفرنا به هيا ياجلجامش بين السنام والقرنين أنفذ السيف
فأنفذ جلجامش سيفه وقتلا الثور ونزعا قلبه وقطعا قرنيه وعادا إلى أوروك
وأعجب الحرفيون بحجم القرنين فوزن الواحد منهما ثلاثون رطلاً (13 كيلو) وسمك غلاف قشرته إنشان
فقال جلجامش فخوراً : جلجامش هو المجيد بين الرجال وإنكيدو هو الظاهر فوق الرجال .


إنكيدو قابضاً على قرن الثور البري الضخم
وجلجامش خلفه يستعد لطعنه
Gilgamesh and Enkidu
(لوحه أثريه)
وفاة أنكيدو :
كان جلجامش يحلم أحلاماً مزعجه وكان إنكيدو يطمئنه .
وفجأه انتشر وباء معدي في تلك الأيام ومرض أنيكدو 12 يوماً وشعر أنه سيموت
إنكيدو : سوف أموت بالعار !
لن أموت كرجل يسقط في المعركة
لقد خفت السقوط لكن طوبى لمن يسقط في المعركة
جلجامش : أنكيدو !
هاتِ الدمعَ أنكيدو .. ليبكي الميتُ فينا الحيَّ .
حاول جلجامش إنقاذه بلا فائدة ومات إنكيدو وبقي جلجامش مذهولاً وحزيناً ولم يدفنه
حتى تحللت الجثه وخرج الدود من جسده عندها أيقن جلجامش أن صديقه مات .
فقال : لتبك عليك المسالك الصاعدة والهابطة إلى غابة الأرز بلا توقف ليل نهار .
وصاح مجلجلاً في أوروك : ياشيوخ أوروك إسمعوا !
أبكي إنكيدو .. أبكيه بكاء الثكلى
كان البلطة إلى جانبي والقوس في يدي
المدية في حزامي والترس الذي أمامي
حله عيدي فرحي الوحيد .
ألن يدركني مصير إنكيدو؟
لقد سكن الأسى فؤادي
وحل حزامه الجلدي وأنطلق شارداً ينتابه الحزن حتى هام في البراري
وقد تخلى عن ثيابه الفاخرة مرتدياً جلود الحيوانات .
وصل ليلاً إلى مسالك الرمال في عنه شرق الرقه بحوض الفرات ورأى الأسود فداخله الخوف منها
فرفع رأسه لله ودعا : ألا فلتحفظني يارب .
نام في الليل ولكنه صحا من حلم رآه
كانت الأسود تلهو منتشية بالبريه .
فأمسك بلطته بيده واستل سيفه من حزامه .
وكالسهم المارق هبط إليها فضربها ومزقها إرباً
ورحل باحثاً عن أرض الخلود (بلاد الخالديون الكلدان) حيث يعيش نوح .
للبحث عن علاج من الموت الذي فتك بصديقه أنكيدو وسيفتك بمدينة أوروك .

إنكيدو قابضاً على الثور البري الضخم
Enkidu during grip on the bull
(لوحه أثريه)









رحلة جلجامش إلى أرض الكلدان (الخلود) :
إنطلق جلجامش من أوروك وسار بمحاذاة نهر الفرات حتى وصل إلى  نصيبين
ثم الى جبل الجودي (كوردو Kurdo)
واستمر بالسير حتى وصل جبل ماشو (Mosh) جنوب غرب بحيرة وان Van
وصل جلجامش مرتفعات كوماجين الشاهقه حيث الفوهة التي تنزل منها الشمس إلى باطن الأرض
ثم تواصل مسيرها في بحر الليل قبل شروقها من الطرف الثاني
وتناطح قمة نيبيرو داغ ونيمرو داغ على جبل ماشو حدود السماء وتمتد قواعده عميقاً نحو العالم الأسفل .
يحمي مداخل جبل ماشو شعب الأنوناكي (الرجال العقارب) لهم ألق مخيف وفي نظراتهم الموت السريع .
بسطوا جلالهم المرعب فوق الجبال يحرسون الشمس في قدومها وإيابها .
عندما وقع بصر جلجامش عليهم إغتم وجهه خوفاً وفرقا ولكنه تمالك نفسه وتقدم منهم .
دعا أحد الرجال العقارب جلجامش قائلاً : لأي أمر مضيت في هذه الرحلة الطويلة ؟
فرد جلجامش : لأجل أوتنابشتيم (نوح) قد أتيت أسأله عن علاج للموت .
ففتح الرجل العقرب فمه وقال : لم يسبقك أحدٌ في هذا الطريق !
ولم يعبر مسالك هذه الجبال إنسان !
بحيرة وان على مسافة اثنتي عشرة ساعة والظلام دامس !
فتنهد جلجامش وقال : فافتح لي الآن بوابة الجبال .
ففتح الرجل العقرب فمه متحدثاً إلى جلجامش : إمض يا جلجامش ..
جبال ماشو مسموح لك بعبورها .. ورافقه أحدهم ليرشده عبر طريق الشمس
وبعد اثنتي عشرة ساعة سيراً متواصلاً شعر بنسيم البحر يتخلل أشعة الشمس .

جلجامش على اليسار والرجل العقرب (الأنوناكي) على اليمين
على قمة نيبيرو داغ في مرتفعات كوماجين بجبل ماشو
(لوحه أثريه)
جلجامش في حديقة ديلميتاس (دلمون) Dilmetaş :
بعد شروق الشمس وجد جلجامش نفسه أمام حديقة ديلميتاس Dilmetaş (دلمون Dolmon)
كانت أشجار العنب تحمل عناقيد العنب المدلى كالعقيق واللازورد فتنة للناظرين .
وعلى شاطئ بحيره وان (بحيرة خِلاط) كانت تقيم الفتاه سيدوري ساقية الحانه
حيث يتوقف الكلدان للحصول على محطة استراحة وتناول الشراب .
ينتاب الفتاه سيدوري الفزع والخوف وهي ترى عملاقاً أشعث يعلو ملامحه الغبار ويرتدي جلود الأسود
تدخل وتوصد باب حانتها دونه لكن جلجامش يناديها ويكشف لها عن شخصيته وأهدافه التي جاء من أجلها
وطلب منها المساعدة فتخبره سيدوري بوجود ملاح أوتنابشتم المدعو أورشنابي في مكان يحتطب من أجل سيده
أرشدت سيدوري جلجامش الى مكانه وأخبرته بأنه الوحيد الذي يستطيع بقاربه عبور مياه بحيرة وان (بحر الموت)
ونصحته بالعوده خوفاً عليه من الحبار العملاق (الكراكن Kraken) الذي يقطن البحيره
قالت له سيدوري : ألحياة التي تبحث عنها لن تجدها فالله عندما خلق البشر جعل الموت لهم نصيباً
وحبس بين يديه الحياة والموت أما أنت يا جلجامش فأملأ بطنك وافرح ليلك ونهارك واجعل كل يوم عيداً .
دلل صغيرك الذي يمسك يدك واسعد زوجتك بين أحضانك هذا نصيب البشر في هذه الحياة .
يخاطب جلجامش سيدوري : فقط أعطني الاتجاهات مهما تكن أعطني الاتجاهات
دليني على الطريق لو أمكنني سأعبر البحر حتى لا أهيم على وجهي في البراري مجدداً .
قالت له سيدوري : لم يستطع أي قارب قط عبور البحيره منذ مده طويلة
العبور صعب وطريقة شاقة للغاية وفي الوسط مياه مميته تعيق التقدم
فمن أين إذا ياجلجامش ستعبر البحيره ؟
وماذا ستفعل متى بلغت المياه المميته ؟
ولكنه إنطلق كسهم سريع إلى مكان أورشنابي غير مكترث أو خائف فجلجامش كان شجاعاً .

جزيرة أكتمار وسط بحيرة فان Van في تركيا
حيث كان يقطن نوح وزوجته
Akdamar Adası
(صوره حقيقيه)












جلجامش والملاح أورشنابي :
وصل جلجامش الى مكان الملاح الذي سيساعده على إجتياز بحيرة وان Van
واسمه الملاح أورشنابي Ur-Shanapi .. يركض جلجامش إلى الملاّح مسرعاً
فيتعثر جلجامش ويدوس على الأشرعه الخاص بدفع المركب ويتلفها
وحين يطلب من الملاح الإبحار يجيبه : "إن الأشرعه تلفت ولا يمكن الآن الإبحار".
لأن الإبحار بالمجاديف سيجعل الحبار العملاق يشعر بنا .. فخطرت لجلجامش فكره !
وطلب جلجامش منه أن يحتطب من الغابة مائة وعشرين مردياً طول الواحد منها ستين ذراعاً .
فصنع أعواداً طويلة من المردي ليدفع بها المركب بصمت حتى لايشعر الحبار الضخم فيهاجمهم .
وعندما ولج مياه الموت طلب أورشنابي من جلجامش أن يبدأ باستخدام المردي
كان على جلجامش أن يستعمل كل مردي لمرة واحدة فقط ثم يتركه بعد الدفع إلى الماء

جلجامش وأورشنابي يصنعان عيدان المردي
Gilgamesh and Ur-Shanapi

جلجامش في جزيرة أكتمار :
وصل جلجامش الى جزيرة أكتمار Akdamar Adası Island
واحداثياتها على جوجل إيرث 38°20'28.14"شمال  43° 2'7.23"شرق
والتقى بـ نوح عليه السلام  (أوت-ناه-بيشتم Ut’napishtim)
وطلب منه ان يعطيه دواء فعال يقي شعبه في أوروك من الموت بسبب الطاعون
فاخبره نوح انه لاعلاج للطاعون إلا الصبر فلم يقتنع جلجامش
وألح في طلبه فكلفه نوح بالسهر 7 ايام كشرط ليحصل على دواء يقي من الموت .
لم يستطع جلجامش الصمود وغلبه النعاس فكلفه نوح ان يغطس في بحيرة وان ويبحث عن نبته
كالشوك تنبت في أعماق المياه تجدد صحة من يأكل منها فغطس جلجامش في البحيره
رابطا إلى قدميه حجرا ثقيلا يشده بقوة إلى الأسفل حتى وصل مجمع المياه السفلية العذبة (ألابسو)
وهناك رأى النبتة فاجتثها بعد أن أدمت أشواكها يديه ثم حل وثاقه صاعداً نحو الأعلى .
فقال له نوح : هذه نبته طبيه تقاوم الامراض و تطيل العُمر فازرعها وكل منها .
لماذا تطيل الحزن يا جلجامش بما أن الله خلقك من لحم  مثل أبيك وأمك ؟
فالموت محتم في أي وقت من الأوقات فلا تحزن لموت صديقك فهذه مشيئة الله .

جلجامش أثناء غوصه في بحيرة وان للبحث عن النبته
Gilgamesh in Akdamar Adası Island

العوده إلى أوروك Ur-Och :
ودع جلجامش نوح وزوجته واستقل مع أورشنابي القارب عائدين .
اورشنابي الذي أمره سيده بمغادرة المكان دون رجعة ومرافقة جلجامش إلى مدينة أوروك
قال جلجامش : يا اورشنابي هذه النبتة تعالج أزمة !
سوف أعود بها إلى أوروك وسوف أقدمها لشعب أوروك وانقذهم من الموت .
وفي طريقه توقف ليغتسل على ضفاف بركه فاختطفت الحيه النبته فانهمرت دموعه على وجنتيه .
وفي طريق العودة يشاهد سور أوروك القديم فيفكر في قرارة نفسه قائلاً :
أن عملاً ضخماً كسور مثلاً هو أفضل طريقة ليخلد اسمي ويحمي مدينتي من خطر الأعداء .
وقام بتسخير الناس في بناء سور ضخم حول مدينة أوروك العظيمة وبذلك تخلد إسمه .
وصنع جلجامش تمثال لإنكيدو وهو قابض على الثور البري الضخم  .
وحكم جلجامش أوروك مده من الزمن ثم مات تاركاً خلفه هذه الملحمه الأدبيه الرائعه .
تم بحمد الله ..
http://bejadblogger.blogspot.com/2014/03/gilgamesh.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق