الاثنين، 21 يوليو 2014

العاقل .. وجحيم العودة إلى أبين


مدين مقباس
صحيفة عدن الغد
27 - 06 - 2012
بقدر ما عمت الفرحة والبهجة والسرور نفوس اليمنيين في كافة أرجاء الوطن خصوصاً أبناء أبين يوم 12يونيو 2012م عند الانسحاب المفاجئ للقاعدة (أنصار الشريعة) من مدينتي زنجبار وجعار، على اعتبار أن فصلاً من فصول المعاناة والمأساة انتهى .. بقدر ما نحزن اليوم وتنكسر نفوسنا أمام ما نراه من تجدد للمأساة وتشارك وتفنن السلطة في صناعتها وإنتاجها ثانيةً كتلك المأساة عند حدوث محرقة مصنع 7 أكتوبر الحصن في أبريل العام الماضي وراح ضحيتها قرابة (200) قتيل .. والتواطؤ مع سيطرة الجماعات المسلحة على زنجبار في 27 مايو العام الماضي .
لم ننعم بفرحتنا لساعات حتى نجد الحسرة والحزن تخيم على نفوسنا لإعادة إنتاج السلطة المحلية م/أبين لجريمة إنسانية جديدة بسبب تخاذلها من القيام بواجباتها الإدارية والاقتصادية والإنسانية وتنصلها من تحمل التبعات الأخلاقية ومعالجة الآثار الاجتماعية المدمرة الناتجة عن هذا الوضع المأساوي المتدهور الذي لأزالت تتواطأ في إفراز نتائجه لسكوتها وصمتها المريب المساهم بدفع المهجرين أبناء أبين إلى ديارهم الذين هجروا قسراً منها بسبب الصراع المسلح الغامض الذي جعلهم تحت تصنيف" مهجري الداخل " بحسب ما تنطبق عليهم المبادئ الدولية العامة للتهجير والنزوح المتعارف عليها التي يترتب عليها اتخاذ الحكومات إجراءات قانونية وحقوقية ودولية ومحلية لصالح المهجرين عند العودة منها التعويضات وضمان سلامة العودة وإعادة الاندماج والتوطين في المجتمعات المحلية وتهيئة ظروف العودة لممارسة الأنشطة الاقتصادية والحياتية وهذا لأيتم بين ليلة وضحها وإنما بجهود مشتركة من قبل الحكومة اليمنية والمجتمع الدول .
كنت كغيري من المهتمين بعد التطهير العسكري مباشرة أتوقع من المحافظ الجديد جمال العاقل الذي نكُن له كل الاحترام والحب لجهوده الطيبة التي بدأها بالمغامرة بحياته ورفضه البقاء خارج المحافظة واستقر في لودر فور تعيينه في أبريل العام الجاري ولم يقف إلى جانبه إلا أربعة مسئولون صالح سعيد الشمسي وكيل المحافظة والدكتور الخضر السعيدي مدير الصحة والسكان ومدير الأمن العميد أحمد مسعود إلى جانب مدير الاستخبارات بالمحافظة وهذا الموقف سيكتب لهم جميعاً الذي يؤكد بأنهم رجال تندى وجوههم: كل هذا زاد من حبهم لدى الجميع، إلا أنه في نفس الوقت لا يعفينا من انتقادهم وخصوصاً الأخ المحافظ صاحب القرار، لأنه على ما يبدو لم يحسبها صح مع تأكيدنا أنه يبذل جهوداً على مدار الساعة لكنها لم تأت بتلك النتائج المرجوة لتامين سلامة العودة لغياب التخطيط السليم ووضع الاستراتيجيات والتخطيط لإعادة المهجرين بما يضمن حصولهم على الحد الأدنى من حقوقهم وتهيئة الظروف والمناخات الآمنة لسلامة العودة وضمان تحقيق الاندماج المعيشي مع الوضع الراهن لاستعادة المُهجر ممارسة أنشطته الاقتصادية والحياتية تدريجياً إلى جانب أن بعض الإجراءات المتخذة تتيح

فرصة كبيرة للمنظمات الدولية والمجتمع الدولي للتنصل من واجباتها الحقوقية والتزاماتها تجاه وضع المهجرين الذين هجروا ليس بسبب صراع داخلي فقط وإنما بسبب صراع مسلح مع تنظيم إرهابي عالمي (القاعدة) يحتم على المجتمع الدولي القيام بدوره على أقل تقدير لإحقاق العودة وفق المبادئ الدولية العامة التي تكفل ضمان وسلامة العودة للمهجرين وحصولهم على استحقاقاتهم وتعويضاتهم ألتي لا غبار على أحقية حصولهم عليها إن وجدوا خلفهم قيادة صادقة تحمل همهم .. لا أن تفكر بنفس التفكير الذي طغى على المحافظين السابقين التفكير بالمليارات والتركيز على الأعمار فقط لتكرار أخطاء صرف ما يزيد عن (40 مليار ريال) في خليجي 20 دون تخطيط سليم، وعدم النظر والأخذ بأبعاد الآثار والأضرار السلبية الأخرى للتهجير وتدمير القدرات البشرية والاقتصادية ولما نتوقعه من إفرازات أخرى للصراعات المسلحة التي دارت في أبين خلال أكثر من عام على حياة المواطن في المدى القادم .
جميعنا نتفق أن المحافظ الجديد يبذل جهوداً كبيرة لكنها متناثرة ودون تحقيق نتيجة تحمل مؤشرات التأثير الايجابي للمجتمع المحلي في المستقبل، إنما تظل حلولاً ترقيعية طالما لم تستند على خطة عمل مرتكزة على متطلبات العودة والحقوق والامتيازات التي يجب أن يتمسك بها كراع أول للمهجرين .. لا أن تتركز على ما يتطلبه المجتمع الدولي فقط ، ليجرنا طوعاً بأنفسنا لنتنازل عن حقوقنا وما يجب أن يقوم به المجتمع الدولي تجاه أبين وأبنائها الذين ضحوا بالبشر والاقتصاد والقدرات البشرية ليس من أجل أبين أو اليمن .. بل من أجل الأمن الإقليمي والدولي بحكم أن الإرهاب عالمي وآثار محاربته وضحاياه لا يتحمل معالجتها اليمن وإنما العالم أجمع.
كنت أتوقع من الأخ العاقل أن يعقلها صح وينهج سياسة تصب في الحفاظ على ما تبقى من المهجرين وأن يعلن للملأ عن خطة عامة وطموحه للعودة وكفيلة بتحقيق العودة الآمنة وليس أن يفتح الأبواب أمامهم المهجرين للعودة العشوائية على الألغام لتحصد أرواحهم، فخلال 12يوماً من العودة قتلت الألغام (25) مواطناً مهجراً وقتلت (4) نازعين وإصابة (7) وفي ظل ما تمارس من أخطاءات وتنصل حكومي واضح من تحقيق أمل العودة وفق المبادئ الدولية للتهجير للأسف نلاحظ أن المنظمات الدولية المهتمة والأمم المتحدة التي يجب أن تراقب هذا الوضع تتستر على تلك الأخطاء وتساهم في فرضها حلول أمر واقع حين قامت مؤخراً بتوزيع المواد الغذائية في زنجبار قبل الإعلان أنها مطهرة من الألغام وتستدرج حضور السلطة المحلية لتفوت فرصة انتقادها.

لكم الله يا مهجري أبين، حقوقكم ضاعت بين التهجير وتسمية النزوح الذي تصر على إلصاقها بكم السلطة المحلية للتهرب من دفع التعويضات وتنفيذ البرامج التنموية لإعادتكم بصورة آمنة وكريمة لممارسة أنشطتكم الاقتصادية والتنموية وعودتكم إلى الحياة السابقة مقابل حصولها على مبالغ زهيدة "تسكيته" من المجمع الدولي .. وتظل الجريمة الإنسانية متجددة طالما أبناء أبين رضوا لأنفسهم أن يكونوا الضحية مرتين الأولى عند السماح لإشعال الصراع في محافظتهم والأخرى السكوت عن حقوق العودة والتعويضات وتواطؤ السلطة والمجتمع الدولي في ضياع حقوقهم .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق